فقير أمام الصراف الآلي و أمنيات بعيدة
هل تعتقد أن هناك إنسان يحاور الصراف الآلي؟ كيف دار هذا الحوار بينهما؟
وهل سخر الصراف من هذا الفقير؟ وما رد الفقير؟
تصف مقالة (أمنيات بعيدة) وضع الفقراء في العالم- خصوصا اللاجئين-
وهم في دول متفرقة وكثيرة حول العالم، وقد دار حوار بين الصراف والفقير.
أمنيات الفقير البعيدة جداً
خرج رجل فقير عجوز جاوز السبعين من عمره اسمه ( كامل) من المخيم ، وتوجه نحو أحد شوارع المدينة ،
وكلما رأى بيتاً جميلاً أو سيارة فارهة تحسر، ويتمنى ولكن أمنيته أمنية بعيدة بل بعيدة جداً
وفي الشارع الرئيسي سمع صوت موسيقى فالتفت فإذا شاشة عرض كبيرة تعرض الصور الدعائية و البوسترات مكتوب عليها مسلسل أمنيات بعيدة.
تبسم كامل وقال: أنت أيها المسلسل أمنايتك بعيدة ،
ولكن نحن في فلسطين أمنياتنا قريبة وإن بَعُدت
فجأة توقف العرض ، وبدأت تعرض الأحداث بجودة عالية،
إنها أحداث مسيرات العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة .
إن عدد كبير من الجماهير تتجاوز الحدود لتحقيق رغبتها في الاستقلال،
ومن الجهة البعيدة المقابلة تقدم رجل يحمل رايات في يديه في مواجهة مباشرة موقع للجيش الإسرائيلي.
وما هي إلا لحظات حتى أمطر الرجل بوابل من الرصاص فسقط شهيد ،
وتشير بطاقته الشخصية أن عمره تسع وأربعون عاماً .
سار كامل هائماً على وجهه من الحزن لما شاهد، ولكن قذفت الأقدار به ،
ليجد نفسه أمام أحد البنوك،
أخذ كامل ينظر فإذا في الجهة الأخرى طابور طويل من الرجال والنساء يقفون أمام الصراف الآلي، لاستلام رواتبهم.
كامل أمام الصراف الآلي
أخذ كامل ينظر إلى هذه الجموع، وإلى هذه الآلة العجيبة التي ما إن توضع فيها بطاقة ، ويلمس بعض الأزرار حتى تلقي بنقود من مجرى أسفلها.
وقف الفقير كامل بعيداً يتأمل ويتحسر، يتأمل هذه الآلة، والحسرة تملأ قلبه، كلما رأى رجلاً ابتعد عن الصراف الآلي، وهو يعد النقود التي في يده،
ويقول في نفسه :
أمنياتك امنيات بعيدة, بعيدة ، كامل عد إلى بيتك.
بعد أن خلا المكان، أخذ الفضول كامل فاتجه نحو الصراف الآلي، و سار ببطء، واقترب من الصراف الآلي،
وأخذ يتحسس أزرار الصراف الآلي، لعل الصراف الآلي يرأف بحاله، ويلقى له ولو اليسير من المال.
فقير امام الصراف الآلي
أمنيات بعيده جداً (الحوار بين الصراف وكامل)
فجأة تحرك الصراف الآلي وأخرج لسانه مستهزئاً، وقال للفقير كامل:
ماذا أتى بك إلى هنا؟
قال الفقير ساخراً : قدماي.
فردّ الصراف الآلي: أين تعيش يا مسكين؟ قال كامل: في بلاد الله الواسعة.
قال الصراف الآلي: أين بطاقتك يا هذا ؟
أخرج كامل من جيبه بطاقة التموين( بطاقة صرف المؤن للاجئين الفلسطينيين)
قهقه الصراف الآلي، وقال: أنت من بلاد الشام ، ومن فلسطين ،
خذ بطاقتك وضعها في صراف هيئة الأمم المتحدة. ألم تتكفل بكم منذ زمن؟
ولماذا أنت فقير وتعتصر من الألم؟
أعاد الفقير بطاقته إلى جيبه، وقال هيئة الأمم، أخذت تقلص المؤن ،
ألا ترى حالنا يسوء كل يوم منذ زمن، منذ أن هجّرنا من أرضنا ساءت أحوالنا زمن بعد زمن.
قال الصراف الآلي: الأمنيات كثيرة، أمنياتك بعيدة المدى و بعيدة المنال،
وهي بعيدة بدون بطاقة صرف آلي.
علمتُ أن هيئة الأمم ستقوم بإنشاء صرّافات آلية لكم :
واحدة لصرف العدس، والثانية لصرف الأرز، والثالثة لصرف الحمص،
وسيكون الصرف حبة حبة، وسيطول الانتظار!!!