لغز من أين المفر؟ لغز أين المخرج؟ من أين المفر؟هل تعلم أن (أين المفر؟) كلمات نسمعها ونرددها في حياتنا، عندما نواجه مشكلة ما، ونبحث عن مَخرج منها.
ولذلك كثيراً ما يوهم الإنسان نفسه بأنه عبقري و نجيب، أو مِن أذكى الناس وأنبههم،
وهو في الحقيقة إنسان متوسط الذكاء كأغلب الناس.
وقد وردت هذه الكلمات في كتاب الله عز وجل، وهو يذكر الإنسان بيوم القيامة وشدته ، فيقول تعالى (يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ) ، وحكايتنا (قصة أين المفر،
للأذكياء فقط؟) هي واحدة من أشهر الحكايات التاريخية الرائعة.
ولكن هل اختبر هذا الإنسان نفسه؟ وهل واجه ما يكشف ذكاءه،
وحسن تصرفه في المواقف الصعبة؟ حتى يسأل: أين المفر؟
السجين وفرصة النجاة قصة من اين المخرج؟ حكاية أين المفر هي إحدى أغرب القصص ، وهي قصة عجيبة سطرها لنا التاريخ في صفحاته، والتي تبين أن السرعة وسوء التصرف قد يقود إلى المهلكة.
يذكر أنّ الإمبراطور لويس الرابع عشر زج برجل إلى السجن،
وبعد مدة حكم على الرجل بالإعدام، ولذلك وضع الرجل في قلعة محكمة الإغلاق،
عليها حراسة مشددة، يصعب الخروج منها.
قبل يوم الإعدام بيوم واحد، فوجئ السجين بحركة غريبة في السجن،
وما هى إلا لحظات حتى فتح باب الزنزانة، ويدخل لويس الرابع عشر، وبرفقته حرسه الخاص.
لغز الملك قال لويس الرابع عشر للسجين: سأمنحك فرصة إذا استطعت استغلالها بذكاء وحسن تصرف ستخرج من هنا وتنجو من الموت المحتوم!!!
نظر السجين إلى لويس الرابع عشر بتعجب واستغراب!
قال لويس الرابع عشر: يوجد مكان واحد تستطيع الخروج منه في الجناح الذي به زنزانتك، ولن يكون به حراس.
وإن استطعت أن تعثر على هذا المكان، والخروج منه ، فأنت ستكون طليقاً وحراً، وهو المفر الوحيد لك اليوم، ففكر:
أين المفر والمخرج؟
وتستطيع الفرار إلى أي مكان في العالم، وإن لم تتمكن من الوصول إلى هذا المَخرج،والمفر؛
فستكون نهاية الحياة بالنسبة لك، وستعدم. أردف لويس الرابع عشر معك وقت حتى شروق شمس الغد،
وإلا سيأتي الحراس ويصحبونك إلى ساحة الإعدام في المدينة .
أين المفر من الزنزانة؟
غادر لويس الرابع عشر وحراسه الزنزانة بعد أن فكوا قيود السجين، وأصبح طليق اليدين والقدمين.
البحث عن المَخرج ومحاولات الفرار ولكن أين المفر ؟ المحاولة الأولى في البحث عن المخرج والمفر بدأت محاولات السجين، وأخذ يفتش في جميع أركان الجناح الذي به زنزانته،
والذي كان يحتوي على غرف كثيرة، وزوايا متعددة. فجأة!!!
رأى فتحة مغطاة بسجادة قديمة على أرضية الزنزانة، ففرح فرحاً شديداً، وبسرعة أزال الغطاء عن الفتحة.
فإذا بها تكشف عن سلم يؤدي إلى سرداب أرضي سفلي،
الذي يؤدي بدوره إلى سلم آخر يصعد إلى أعلى مرة أخرى.
وأخذ يصعد إلى أن شعر بنسمات هواء تندفع إليه.
أصبح يَقُولُ في نفسه : أنا سعيد ، وستعود إلي الحياة من جديد ،
وبدا على وجهه علامات الارتياح. شعر بأنها بارقة أمل، فاندفع بسرعة،
فإذا به في برج القلعة العالي، فنظر فإذا بينه وبين الأرض علو شاهق، ونطر إلى أسفل وقال: أين المفر؟
إنها أول صدمة توجَّه إليه، وعاد السجين إلى نقطة البداية، وهو حزين منهك القوى،
و وهو يقول في نفسه بثقة :
لا يمكن أن يكون الامبراطور قد خدعني. ولكن ما العمل؟ وأين المفر؟
من أين المخرج؟ المحاولة الثانية في البحث عن المخرج والمفر ألقى بنفسه على الأرض وهو مجهد، و اذا بقدمه تضرب حائط الزنزانة،
وإذا به يشعر بأن هناك حجراً تحرك. فقفز من مكانه وأخذ يحرك الحجر،
وفوجئ بأن الحجر يتحرك، فقام بإزاحته، وإذا به يعثر قرب الحجر على ممر ضيق على شكل سرداب.
وبه أماكن تضيّق، لا تكاد تتسع جسمه إلا بصعوبة، فأخذ يزحف ويزحف،
وكلما تقدم كان يسمع صوت خرير ماء.
فدب الأمل في عروقه مرة ثانية؛ لأنه يعرف أن القلعة مطلة على نهر،
ولكن قطع حبل الأمل مرة أخرى حين قابلته نافذة حديدية شديدة الإغلاق،
تطل على النهر، ولم يجد مسارا يخرج منه.
المحاولة الثالثة في البحث عن المخرج والمفر عاد السجين من حيث أتى؛ ليعيد الكرّة مرة ثالثة ،
وأخذ البحث عن مسرب أو أي شىء ، و هو يردد :
أين المخرج؟ أين المفر؟
وأخذ يختبر كل حجر تقع عليه عينه، ربما يعثر على مفتاحاً أو خيط نجاه يخلصه من غياهب السجن والاعدام.
لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وضاعت مع إرهاق وتعب شديد، ومع ألم وحزن لفقد الأمل.
الوقت يمضي، وساعات الليل تسير بسرعة، والسجين يستمر في المحاولة،
ويفتش هنا وهناك، ويكتشف أملاً، يؤدي به إلى سراب يعقبه ألم وحسرة .
هكذا ظل السجين طوال الليل يتخبط يميناً ويسرة، محاولاً أن يصل إلى بارقة أمل،
ولكن هيهات، حيث باءت كل محاولاته بالفشل، وذهبت كلّ آمله في سلسلة من المحاولات الفاشلة.
انتهاء المهلة وفشل الوصول إلى المفر من السجن
وأخير انتهت المهلة، وتحت الصّدمات المتتالية ، انقضت ليلة مغامرات السجين في المتاهات المغلقة،
وأشرقت الشمس من خلال نوافذ الزنزانة.
أيقن السجين بأنه هالك لا محالة.
ولكن أين المفر ؟ هل الامبراطور خدعه؟
بينما كان السجين غارقاً في حزنه وألمه، ويحدث نفسه: من أين المفر؟
فُتِحَ باب الزنزانة، فإذا الامبراطور أمامه كالصاعقة!!!
نظر السجين إلى الامبراطور ، وقال :
كنت متوقعاً صدقك معي يا إمبراطور!!!قال الإمبراطور: نعم،
لقد كنت صادقاً معك.
قال السجين للإمبراطور: أين المخرج والمفر؟
لم أترك زاوية أو مكان في الجناح بأكمله إلا وبحثت فيها،
ولم أجد المخرج الذي أخبرتني به، ولكن أين المفر؟
ضحك الإمبراطور، وقال متهكماً: لقد تركنا لك باب الجناح مفتوحاً، ولم يكن مغلقاً،
ولم يوجد أمامه حراس، وكنت باستطاعتك الخروج دون أن يعترضك أحد!!!
الْإِنسَانُ دائما يضع لنفسه صعوبات وعقبات، ولا يلتفت إلى ما هو بسيط في حياته.
حياتنا قد تكون بسيطة بالتفكير البسيط لها، وتكون صعبة عندما يستصعب الإنسان شيئا في حياته.
قال تعالى ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ سورة الأنبياء 37
من كلام الحكماء: إياك والعجلة، فإنها تكنّى أم الندامة، لأن صاحبها يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويعزم قبل أن يفكر. يسهل خداع الشباب لأنهم يستعجلون الأمل. في العجلة الندامة، وفي التأني السلامة. وفي مسرحية روميو وجولييت يقول شكسبير «التأني والتعقل. فمن يركض سريعاً يعثر ويقع. أخي : إذا تعقدت عليك الأمور، وصعب حلها، فما لك ملجأ إلا الله وقل :
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، فأنت إن شئت جعلت الصعب سهلا.