ممارسات الخطيب، الخطبة

ممارسات الخطيب المبدع قبل الخُطبة، وأثناء الخُطبة وبعدها

الخطيب المبدع

هل وقفت يوماً أمام جمهور من الناس، لتُلقي خُطبة أو كلمة؟ إنه الخطيب: سواء كان في مكان عام، أو في مدرسة.
نسمع بالخوف من حيوان مفترس، أو من نار، أو من عدو، أي من أشياء ملموسة حسية.
ولكن، هل سمعت بشيء معنوي غير ملموس مخيف؟
إنه الوقوف كخطيب أو متحدث أمام الجماهير!
ممارسات الخطيب المبدع قبل الخُطبة، وأثناء الخُطبة وبعدها
الابداع

مشاعر الخطيب قبل الوقوف أمام الجمهور

هل شعرت بالخوف، أو القلق عندما تقف خطيباً، أو متحدثاً أمام الجماهير؟
وما المعوقات، التي شعرت بأنها تقف أمامك، وتعيق وقوفك كخطيب؟
\هل تعلم، أن الخوف شعور طبيعي، فمن لا يشعر بالخوف، حين يتحدث أمام الجمهور أول مرة، فهو إنسان غير طبيعي.
علاقة الخوف بضعف الشخصية
الخوف في المواقف الخطابية، ليس له علاقة بضعف الشخصية، أو قوتها، فهناك أناس عندهم من قوة الشخصية الكثير.
ولكنهم- في الواقع- لا يستطيعون، أن يقفوا أمام الميكروفون، دقيقة واحدة كمتحدثين.
ولذلك، فليطمئن من يخاف، إذا وقف لمخاطبة الناس، فالشيء في بدايته صعب إلى حد ما، ثم ينحصر الخوف،
ويقل تدريجياً، ثم ينتهي مع مرور الزمن.
وقد أظهر نتائج دراسة، أن 35% من الأمريكيين، يصابون بالخوف، عندما يطلب منهم الحديث، أمام الجمهور.
وأن 13% منهم، يرتبكون أثناء الحديث، وأظهرت النتائج، أن خوف الخطيب من الحديث ، يأتي في المرتبة الثانية، بعد الخوف من الثعابين.
ولكن، كيف يتجاوز الخطيب المبتدئ عقدة الخوف؟ وكيف يصبح خطيباً مبدعاً؟
هناك ممارسات الخطيب المبدع قبل الخُطبة، وأثناء الخُطبة وبعدها،
لا بد أن ينفذها الخطيب، قبل الشروع بالخُطبة، وأخرى أثناء الشروع بالخُطبة، وأخيرة بعد القيام بالخُطبة.

ممارسات الخطيب قبل الخطبة:

ممارسات الخطيب المبدع قبل الخُطبة، وأثناء الخُطبة وبعدها
قد يحتار الخطيب قبل الخُطبة، ويصيبه الخوف والارتباك، ولكن لا بد أن يتذكر. أن أهم الممارسات،
التي ستسهم في تجاوزه للخوف، والقلق والارتباك.
بإذن الله تعالى:
1- التنفس العميق الهادئ :كثير من الناس من يصابون بالخوف؛
ومن ثم تزداد ضربات قلوبهم، ويزداد تعرقهم وتوترهم،
وهذا شيء طبيعي- خصوصاً- إذا كانت المرة الأولى في وقوفهم أمام الجماهير.
من المعروف، أن الخوف يرفع معدل الادرينالين في الجسم، والذي يُضخ إلى أعضاء الجسم.
هذا لمواجهة الخوف والتخفيف منه.
ويكون هذا على حساب حصة المخ من الدم؛ ولذلك يسبب ضعف في أداء المخ،
ومن ثم يحدث تشوش في الأفكار، وتلعثم وارتباك، وقد يحدث نسيان كلي، أو جزئي للحديث. ولهذا يتبين أهمية التنفس العميق الهادئ.
لمن يريد أن يلقي خُطبة، أو كلمة أمام الجمهور.
والمقصود هنا بالتنفس العميق الهادئ: هو الشهيق ملء الرئتين من الأنف،
ثم حبس الهواء في الرئتين، لمدة ثلاث دقائق تقريباً، على أقل تقدير قبل عملية الزفير من الأنف.
2- الاطلاع على المصادر العلمية :لا بد، أن يحرص الخطيب، على الاطلاع على المصادر العلمية،
التي تسهم في دعم موضوعه، كما يجب أن يكون على دراية بها، بشكل يسهل عليه التحدث، دون تأتأة وارتباك وخوف.
3- التحضير والإعداد: من الضروري اهتمام الخطيب بالتحضير، والإعداد الجيد لموضوع الخطبة؛ لأن ذلك، أبلغ في جذب انتباه السامعين.
وتفاعلهم معك: وجدانياً، ونفسياً.
وهذا، لأن معظم الخطباء، الذين يفشلون في مخاطبة الجمهور، يكونون قد فشلوا – عادة- في التحضير الجيد قبل الألقاء.
وذلك لأن التحضير الجيد، يجعل الخطيب، يركز على ما حفظ، ويسهم في عدم تركيزه على الورقة؛
لأنه يكون، قد حفظ ما ترمي إليه، وحفظ ما فيها من نقاط عن غيب.
4- الالمام اللغوي، والإلمام بموضوع الخطبة:احرص كخطيب على المامك اللغوي،
وامتلاك مهارات اللغة في الحديث، وحسن الاستماع، وهذا يعطيك مجالاً، رحباً في التعبير، عما تريد بسهولة وابداع.
كذلك إلمامك بالموضوع، يمنحك شعوراً بثقتك بنفسك، ولا يجعلك تحيد عنه، أو وقوعك في خطأ، ومن الأشياء المهمة.
كذلك، تجزئة الموضوع إلى نقاط قليلة رئيسة؛ ليسهل عليك حفظها، وتنظيمها وترتيبها.
5- التدريب على الإلقاء:حاول إلقاء الموضوع على شكل خطبة تجريبية، أمام إخوتك، والديك، أو من تثق بهم.
مارس ثم مارس ذلك؛ حتى تكسر حاجز الخوف في نفسك، واطلب منهم التعليق على إلقائك،
وإذا لم تتمكن من وجود أشخاص، حاول تسجيل صوتك بالمسجل، أو عمل مقطع فيديو،
وحاول سماعه ومشاهدته عدة مرات، وتعرف على نقاط القوة، لتعزيزها في نفسك، ونقاط الضعف لتجاوزها.
6- احصر مخاوفك و كن متفائلاً بنجاحك:احصر مخاوفك، أي اكتب في ورقة كل ما تخشاه من الالقاء،
ثم حاول معالجتها، واحدة واحدة، ستجد أن أغلبها بسيطة، وسهل تجاوزها. قم بتصور نجاحك في الالقاء، وما سيحصل إذا نجحت في ذلك.
فالأفكار الإيجابية، تلغي الأوهام، بعكس الأفكار السلبية، وتخلصك من الخوف والقلق.
7– التركيز على الموضوع:اجعل تركيزك على الموضوع، والمادة التي ستلقيها، فاهتمام الناس – دائماً- يكون حول الجديد، والمثير من المواضيع،
والذي يمس الواقع، وهذا يخفف من توترك، الذي قد يلاحظه الناس.
8- لا تخف من فترات الصمت وثق بنجاحك:
حاول عدم الخوف من لحظات الصمت، التي قد تحدث، نتيجة من انتقالك، من موضوع إلى موضوع آخر؛
لأن ذلك لن يستمر طويلاً،
وحاول أخذ نفساً عميقاً ببطء، واستمر دون خوف. اعترف بعد إلقاء الموضوع بنجاحك، من خلال تشجيع نفسك، ولا تجلد نفسك. ابتعد عن انتقاد نفسك سلباً أكثر،
مما يقوم به الجمهور، وانظر إلى خطئك، على أنه فرصة، لتحسين الأداء مستقبلاً، وخذ بمقولة: (من لا يخطئ لن يتعلم).
9- خذ الدعم من أحبائك: خذ الدعم ممن تثق بهم مثل: اخوتك، أبويك، أساتذتك، واعتقد أنهم سيدعمونك بكل قوة.
– خصوصاً- معلمي اللغة، وأساتذة علم النفس.

ممارسات الخطيب المبدع أثناء الخُطبة

ممارسات الخطيب المبدع قبل الخُطبة، وأثناء الخُطبة وبعدها
أظهرت دراسة أجراها ألبرت مهرابين، وهو باحث من أمريكا، وهو من أصل هندي،
أن من أهم وسائل التواصل،مع الجمهور، ليس الكلمة وحدها.
لأن الكلمة، تشكل 7% -فقط – من الاتصال الفعال مع الجمهور، وهذا يؤك
د أن الكلمة البليغة والمتقنة،
ليس لها الفاعلية العظمي في الخُطبة، ما لم تقدّم بأسلوب جيد ولائق بها.
كما أطهرت نتائج دراسة (مهرابين)، أن (38%) من وسائل الاتصال الفاعل، يتشكل من نبرات الصوت،
ومن أكبر المفاجآت، التي أظهرتها النتائج: أن (55%) من قوة الاتصال، تتوقف على لغة الجسد.
ولكن هل سألت نفسك: ماذا تقول؟ وكيف تقول؟ وما الخطوات، التي ستتبعها أثناء حديثك؟
يمكن تلخيص، أهم ممارسات الخطيب المبدع، أثناء الخُطبة في التالي:

1- الابتسامة:

حاول أن تكون مبتسماً، بشوشاً، ولا تكن عبوساً أمام جمهورك أثناء إلقاء كلمتك، وقد تتغير ملامح وجهك،
في المواقف الحماسية،
التي تأتي عفوية عند الانتقال، إلى موضوع حماسي.

2- الرزانة:

حاول على أن تكون رزيناً، فلا تسرع ولا تبطء، فخير الأمور أوسطها، ولذلك عليك ترك ثوان قليلة، بين طرحك لموضوع،
وما يليه من موضوع آخر، لتجعل جمهورك، يفكرون في الموضوع الأول، ومن أجل ذلك استخدم كلمات:
فكر معي، حول أن تتذكر، هل تعتقد أن، أرأيتم، تصوروا…

3- عدم تكرار كلمات بعينها:

تجنب تكرار كلمات بعينها، التي تعتبر- غالباً- حشواً لا قيمة لها مثل: تكرار طبعاً، هل أدركتم، كلامي واضح، صحيح …
4-بناء علاقة جيدة مع جمهورك:
حاول بناء علاقة جيدة مع جمهورك، من خلال إلقاء التحية قبل الخطبة، وقل مثلاً: موضوعي يهم هذه الوجوه الطيبة، سأتحدث إليكم،
وأنا واثق من قدراتكم ، لن أطيل عليكم، قلبي انشرح عندما زرت حيكم، وقم بالترحيب بعدد من الحضور.
كذلك تقوم تبادل معهم الحديث، قبل أن تلقي خطبتك.

5- تحديد هدف الخطبة:

ضع الهدف، الذي تنشده من الخطبة نصب عينيك، بحيث يكون هذا الهدف هام، يمس حياة المتلقين،
ويستجيب لاهتماماتهم

6- تحرى الصدق:

كن صادقاً في حديثك مع جمهورك، وإلا ستُنتَزع ثقتك منهم، ويُعرضون عن حديثك، وبذلك تقف تحدث نفسك وتصدقها.

7- توظيف لغة الجسد:

تعتبر لغة الجسد، من أهم وسائل الاتصال، لما لها من جذب للجمهور.
كذلك مراقبته للخطيب، وانتباهه للخُطبة،
ولقد صارت لغة الجسد، علماً قائماً بذاته، ومن ذلك حركة اليدين، ورفع الرأس وانخفاضه، وحركة العينيين، والالتفات إلى الجمهور…
فمثلاً: كيفية توظيف لغة الجسد
احرص على الوقوف مستقيماً، وبوضعية تشير إلى الثقة بالنفس والراحة. استخدم يديك لدعم ما تقول، فرب إشارة خير من عبارة.
احرص على، أن تكون تعابير وجهك، تتوافق مع الموقف، الذي تتحدث عنه، فانشراح الوجه. تكون في المواقف المفرحة، وعبوس الوجه في المواقف الحزينة أو المؤلمة.
ولا بد، أن تتوافق لغة الجسد مع مضمون، ما يقوله الخطيب، وإلا أصبحت الخطبة لا قيمة لها، بل حشو يجعل الجمهور، يستهزئ من الخطيب.
ومع ذلك فهناك حركات سلبية، لا بد للخطيب أن يتلافاها، مثل: الذهاب والإياب، أو التحرك يمينا وشمالاً، أو فرك اليدين ببعضهما، التي تنم على ارتباك الخطيب.

8- نبرة الصوت: 

الصوت نعمة من الله، ولكن ارتفاع نبرة الصوت، وانخفاضها مرتبط ارتباطاً كلياً، بمضمون الخطبة وطبيعتها،
ومن الأهمية بمكان، أن تتغير وتتنوع نبرة الصوت، خلال حديث الخطيب؛ ليضفي على المضمون الحيوية، ويجذب المستمع إليه، ويبدد سرحان المستمع، ويجعله متفاعلاً مع مضمون الخطبة، لا يحيد عنها، ولذلك
احرص على تغيير نبرة صوتك، حسب الموقف، الذي تتحدث عنه، فموقف الحزن، والألم والأسى، يحتاج إلى صوت هادئ،
أما مواقف الحذير والتنبيه والتشجيع، وغيره من المواقف المشابهة، تحتاج إلى نبرة صوت أعلى وأشد.

9- المسح البصري:

 يقصد بالمسح البصري، هي قدرة الخطيب على التجول بنظره، والنظر إلى عيون أكثر عدد ممكن من جمهوره،
دون النظر إلى سقف المكان، أو التركيز بنظره إلى مكان واحد محدد، أو أشخاص بعينهم.

11- عدم الإمساك بالورقة:

 حاول تلافي الإمساك بالورقة؛ لأن التوتر الكبير خلال الدقائق الأولى من الالقاء، قد تسبب ارتجاف اليدين،
وهذا ما سيلاحظه الجمهور، ويلاحظه المتحدث نفسه، فيزيد من توتره. ولذلك من الأفضل، وضع الورقة على منصة العرض.
كذلك التطلع إليها كل فترة وأخرى، ومن المستحسن، وضع اليدين على منصة العرض لتثبيتهما، وعدم اظهار ارتجاف اليدين، إذا كان ارتجافهما كبير.

12-الارتجال: 

يعتبر الارتجال في الحديث، سمة لا يستطيع كلخطيب أن يجيدها؛ لأنها تعتمد على أشياء كثيرة.
منها عل سبيل المثال: كثافة وقوة الثروة اللغوية لدي الخطيب، الجرأة وعدم الخوف، عدم التلكؤ أثناء الحديث،
توظيف لغة الجسد، بشكل صحيح كما أسلفت، توظيف القصة أو الأمثال أو الشعر…، حسن الأسلوب، الثقافة الواسعة والمتنوعة.

ممارسات الخطيب المبدع بعد الخُطبة

1- الأخذ بآراء بعض الجمهور: 

يعتبر تقييم بعض المشاركين من الجمهور للخطيب، (سلباً أو ايجاباً) له قيمة كبيرة، في دعم الخطيب
أو تحسين الخُطبة في المستقبل- خصوصاً- إذا كانوا من العلماء، أو المختصين في اللغة، أو من الخطباء السابقين، أو من له دراية بعلم الخطابة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top