( عودة الضمير) و الأمل المفقود
قصة عودة الضمير تصف واقع الشباب العربي الذي يعاني من ذائقة العيش،
ولذلك يحاول الانتحار، لأنه لم يفكر جيداً، و يتوكل على الله، وهو يدرك بأن الرازق هو رب العباد.
تحكي هذه القصة أن شاباً اسمه صابر، يرى أن الدنيا ضاقت، بل اسودت في وجهه وجراء ذلك،
لا عمل، ولا زواج، وهو يحمل شهادات فوق شهادات، لم تشفع له في سوق العمل.
وفي غضون ذلك، كلما ذهب صابر في طريق سدت في وجهه،
فكان ينظر إلى الدنيا من منظار الفيسبوك والتويتر.
فيرى وروداً وأزهاراً وجمالاً، ويخيل إليه أنه لو اخترق الحدود،
لوصل إلى تلك الدول الواعدة، والمدن التي رسمها في مخيلته، وسوف يحقق حلمه.
ولكن، تغيرت الأحوال، وأتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد انتشرت كورونا فزاد الإغلاق بإغلاق.
فلا وجود لمخرج إلى أي مكان، حتى خيالات صابر الوردية اسودت،
كما أن أحلامه أغلقت أبوابها.فما كان من صابر، إلا أن أغلق باب الغرفة على نفسه، وربط حبلاً في المروحة،
وعمل منها مشنقة، ووقف على كرسي؛ ليقذفه بقدمه، ويموت خنقاً.
أثار انتباه صابر، وهو ينظر من شباك الغرفة،
منظر شاب آخر يقف على ناصية الشارع، وهو يسكب على نفسه سائلاً.
والناس يصرخون حوله: يطالبونه بالعودة، وهم يصرخون ويقولن:
لا لا تفعل.
أخذ صابر يدقق النظر في الشاب الذي يريد الانتحار حرقاً. فجأة! صرخ، ورفع الحبل عن عنقه.
العودة الى الضمير
وقال: أخي، ثم انطلق متوجهاً نحو الشارع.
لكن النار، كانت أسرع منه، فقد بدأت تشتعل في جسم أخيه، وأخذ الناس يلفون جسم أخيه بملابسهم.
قام صابر بخلع ملابسه، ولف بها جسم أخيه، واحتضنه،
ولكن النار أحرقت بعض أصابعه، وبعض أجزاء من جسم أخيه.
دخل الأخوان المستشفى، وجلسا على سريرين متقابلين، و كل واحد منهما يقص على أخيه قصته.
فكانت مأساتهما واحدة، وحزنهما مشترك، وصوت الضمير، يناديهما معاً:
أنا الضمير الحي.
أخذ أخو صابر يبكي من شدة ألم الحرق المنتشر في جسمه، كما قام يتحس الحروق بأصابعه.
نداء الضمير وعودة الضمير
نظر صابر، فوجد قرآناً على رف في الغرفة، فأخذه، وقرأ قوله تعالى :
(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ* ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ *
وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ *
وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ
{ سورة ص آية 41-44}
ثم نظر صابر إلى أخيه، وقال: يؤرقني ويعذبني الضمير
حيث لم يتعرض أحد من البشر لما تعرض له الأنبياء،
ألم تعلم أن نبي الله أيوب، صبر على فقد أهله،
بالإضافة على صبره على مرضه الخطير، ولذلك الله وهب له أهله،
وأعطاه أكثر مما توقع، لصبره وحسن توكله على الله.
وقال تعالى }: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا {(النساء: 29-30 (
ثم أردف صابر، قائلاً: كيف ننتحر يا أخي، ونحن لم نستطع تحمل نار الدنيا، فكيف بنار الآخرة!