فجران يلتقيان(صاروخ الفجر، وأذان الفَجر)
هل تعلم بأن أهل القدس وما حولها، رأوا فجرين في يوم واحد؟ لقد التقى فجران،
فجر الصباح، وصاروخ الفَجر المقبل من غزة!!!
إنها قصة نسجتها معركة سيف القدس، التي سطرت لنا تاريخاً لا ينسى، فهيا بنا إلى أحداث قصة(صاروخ الفجر، وأذان الفجر في سماء القدس)
قصة التقاء الفجرين
أصوات الانفجارات في كل مكان ومن كل مكان،
صواريخ حقد تهبط وصواريخ الفجر تصعد، وصوت التلفاز يصم الآذان.
اخبار من هنا وهناك:
اخبار من هنا وهناك: هنا صوت الاسعاف ينبئ عن شهداء تحت الأنقاض،
وهناك صافرات الإنذار تدوي فترتجف المساكن والأبراج بساكنيها.
يكاد رأسي ينفجر وأذان الفجر قاب قوسين أو أدنى، حاولت أن أطرد شبح النوم،
ولكن دون جدوى غلبني النوم، وأخذتني سنة منه فغفوت غفوة.
فإذا بصوت يهمس في أذني، كلما تحركت يمنة أو يسرة، حاولت أن أتجنب هذا الصوت،
وهذا الأنين، ولكن دون جدوى.
الأسيرة الباكية
سألت نفسي بعد أن أقلقني هذا الأنين: من هذه الباكية؟ ومما تشكو؟ وممن تشكو؟
ولما أصررت على المعرفة، وأحست بألمي وشوقي تراءت أمامي قبة زاهية تتلألأ في ظلمة الليل البهيم.
حاولت لمسها فتباعدت، ثم أقبلت، وتنهدت وقالت: لا يلمسني إلا بطل شجاع،
ولا يفتح بابي إلا راكع ساجد في ظلمة الليل عابد.
فهمت مقصدها وأدركت مرادها، فقلت لها: يا قبلة المسلمين الأولى ومهد المسيح،
ويا مسرى رسول الله ومعراجه، ماذا يؤلمك ؟
مأساة القدس
نظرت إلى والدموع تنهمر على قبتها الذهبية، وتنسكب على نوافذها وأبوابها،
وتتناثر على عتباتها الوردية، قالت بصوت ملؤه الحزن والأسى:
ألا تشعر بما أشعر؟ قلت: بلى، فمالت نحوي، وهي تعتصر ألماً، وقالت:
كل يوم تدك الأرض من تحتي، وينبش حفدة القردة والخنازير أساساتي باحثين عن هيكل مزعوم.
فدنسوا أرضي، ولوثوا بنائي، ومنعوا الكثير من أبنائي من الصلاة تحت سمائي،
وتقول: لم أئن وأبكي!
ولولا أقدام متوضئة تدب على أرضي، وجباة راكعة تدغدغ ترابي،
وتكبير المصلين أستأنس به في صباحي ومسائي، لوجدتني في حال، الله أعلم به!!!
التقاء الفجرين
فجأة سكت صوتها، وتوهجت قبتها، وأخذت تحملق في السماء،
فإذا بصاروخ الفجر يتبختر في الأجواء، ويدك كنيس الأعداء.
فنظرت إلي متعجبة، وصاحت في دهشة، قائلة: أعاد صلاح الدين؟
فقلت لها: لا بل أحفاد عز الدين!
فازدادت بهجة وضياء وتلألأت، وقالت: الحمد لله، تقابل فجران لم يتقابلا منذ أزمان:
فجر من سماء غزة، أضاء القبة بعد عتمة دامت سنين، وفجر يدوي كل يوم وحين.
نظرت القبة إلى الصاروخ الهابط من السماء، وقالت:
تحيتي لمن أرسلك، فهم أملي في البقاء وحبي في الرجاء.
فضممتها إلى صدري، فتلاقت دمعتان، دمعة مشتاق إلى الصلاة في رحاب الأقصى الأسير،
ودمعة فرحة لقبة تلألأت بلقاء الفجر في فجر جديد.
صحوت فزعاً، فإذا بالمؤذن ينادي لصلاة الفجر، فتوضأت وقلت: لبيك يا قدس.