نمت مبكراً، بعد يوم حافل، من وداع الأحبة، بعيون دامعة قد يحدوها الأمل،
قد لا تراهم كما كنت تراهم كل يوم، وبذلك ودعت الشباب.
أحلام شباب المشيب قبل المغيب
دخلت في نوم عميق، قذفت بي الأقدار إلى صحراء متناهية الأطراف،
ولذلك عطشت عطشاً شديداً، ولم أجد ما يشير على وجود الماء.
أخذت أقطع الأمل في وجود الماء، ولكن رأيت من بعيد رجلاً فيه بقية من شباب،
ولكن خط المشيب بين عينيه خطوطاً فهمتها.
كان الرجل يتقدم بسكينة ووقار، لحقت به، وناديته، فالتفت إليَّ، وقال: أتناديني؟
فقلت له: وهل في هذه الصحراء سواك؟
قال الرجل العجوز: ماذا تريد؟ قلت له: يا أخي، إلى أين أنت ذاهب؟ وما الذي أتى بك إلى هنا؟
التفت الرجل نحوي، وهو يبتسم، وقال: أتي بي قدري،
وأنا متجه إلى مدينة شباب المشيب قبل المغيب.
فقلت للعجوز: أن أول مرة أسمع بمدينة تُسَمى شباب المشيب قبل المغيب، قال الرجل:
وستسمع بها كثيراً بعد أن وصلت إلى هذا العمر!
مدينة شباب المشيب قبل المغيب
استغربت كلام الرجل، وقلت له: وأين هذه المدينة؟ أشار بيديه وقال:
هي قريبة وبعيدة! وهي على قمة الجبل.
قلت: ماذا تقصد بقريبة وبعيدة؟ قال قريبة لمن صبر، وبعيدة لمن جزع!
تركت الرجل، وأنا في دهشة، واستغراب من اجاباته،
وزاد فضولي للوصول إلى مدينة شباب المشيب قبل المغيب، التي ذكرها الرجل.
كلما تقدمت أكثر، زاد عطشي، فجلست على صخرة،
وأخذتُ أنظر اتجاه المدينة التي أشار إليها الرجل.
فجأة، وأنا أنظر إلى قمة الجبل، رأيت طيوراً تحلق في السماء،
فاستبشرت خيراً؛ لأن الطيور لا تحلق إلا في وجود الماء.
الوصول إلى الماء بعد العناء
أخذت اسرع مع تعبي الشديد، فرأيت ينبوعاً من الماء ، كوَّن بركة صغيرة أسفل الجبل،
التي أعلاه مدينة شباب المشيب قبل المغيب.
وعندما وصلت إلى الماء، كببت نفسي كباً، وأخذت أرتشف الماء بسرعة.
أصابتني دهشة، صورة غريبة في الماء غير مكتملة، تتحرك مع اهتزازات الماء،
رفعت يدي من الماء، كي تسكن الصورة وتكتمل وتثبت.
أخذت أدقق في الصورة جيداً، فإذا أمامي صورة رجل كبير في السن، نظرت خلفي وحولي،
لعلي أرى أحداً بجواري انعكست صورته في الماء أمامي، ولكن لم أر أحداً.
وضعت يدي على رأسي باستغراب، فوضع الرجل المسن الذي في الماء يده على رأسه،
أخذت احرك رأسي، فأخذ يحرك رأسه.
سألت نفسي: أيعقل أن أكون أنا؟ فرددت على نفسي بنفسي: هذا غير معقول!!!
هذا رجل كبير في السن، فماذا حدث لي؟
مفتاح مدينة شباب المشيب قبل المغيب
جلست برة في ذهول، لا أعرف ماذا حدث،
وإذا بالرجل الكبير الذي تركته خلفي في الطريق قد وصل، وأخذ يضحك.
قلت له: ما الذي يضحكك؟ قال: ألم تر وجهك في الماء؟ قلت: بلى.
قال الآن يسمح لك بدخول مدينة شباب المشيب قبل المغيب، وأخرج مفتاحاً من جيبه،
وأعطاني إياه، وقال: مرحباً بك في مدينتنا(شباب المشيب قبل المغيب).
قمت من نومي فزعاً: فوجدت زوجتي بجواري، وتقول: كل عام وأنت بخير،
اليوم عيد ميلادك الستين.
فاليوم أنت مولود جديد، في عالم جديد، ستجعل من البعيد قريب،
وتزيد من وصال الغريب والحبيب. هيا إلى الأمل الجديد!!!