حقيقة فن الخطابة
هل سألت نفسك سؤالاً؟ هل من الممكن أن أصبح خطيباً بارعاً ومبدعاً؟ وهل الخطابة موهبة فطرية، أم مكتسبة؟
أستطيع القول بيسر وسهولة: أنه يمكن أن تتعلم الخطابة، مع وضعك جميع المعوقات- جانباً- التي تراها تقف حائلاً بينك، وبين الاقدام اتجاه هذا الفن.
فلا تقل ليس لدي جرأة في الحديث، أو ليس لدي لباقة في الكلام، أو غير متمكن من اللغة، أو غير ذلك من الأسباب.
انظر إلى الأمور بإيجابية، واستفد من اخفاقاتك السابقة لتتجاوزها وتتفاداها، وتعلم من تجارب الآخرين الناجحة يقول ايمرسون: ”
إن جميع المتكلمين العظماء كانوا متكلمين سيئين في البداية“ وأعلم بأن قدراتك تصنعها بنفسك، والمهارة تكتسبها، وتتعلمها مع التدريب والتجريب.
والآن نأتي على السؤال الذي يقول: هل الخطابة موهبة فطرية موروثة، أم مهارة مكتسبة بالعلم والتدريب؟
من خلال مقالة(فن الخطابة بين الموهبة الفطرية والمكتسبة) نجيب على هذه الأسئلة.
تنقسم الصفات المطلوبة في الخطيب إلى قسمين، هما:
أقسام فن الخطابة من حيث الموهبة والاكتساب
القسم الأول: صفات فطرية
هي صفات ذاتية، وهي استعداده الفطري، وما جبله الله عليه : كطلاقة اللسان، والفصاحة في المنطق،
وجهورية الصوت، والسلامة من العيوب، كعيب في الكلام، مثل التأتأة ، ومراعاة مخارج الحروف.
بالإضافة إلى عقل راجح يسهم في البحث والاستقصاء، ودقة الملاحظة، والقدرة على التعليق والمقارنة،
والخبرة في معرفة خصائص الأشياء، واليقظة الدائمة، والجرأة والشجاعة، والثقة بالنفس، ورباطة الجأش.
القسم الثاني: صفات مكتسبة
وهي صفات ينالها الخطيب بالدراسة والمران والتدريب، ومنها:القراءة والاطلاع، والتحصيل الكافي من العلم.تحصيل ثروة من المهارات اللغوية؛
تؤهله لذلك. – التدريب على طرق وأساليب الالقاء- اجادة الدقة في مخارج الحروف، وحسن الأداء، وتخير نبرات الصوت الملائمة، انخفاضاً.
وقبل أن نتطرق إلى خطوات تعلم مهارات الخُطبة، وترتيبها والسير بالتدريج فيها، لا بد أن لُمْ بمفهوم الخُطبة.

هل هناك فرق بين الخُطبة والخِطبة؟
الخُطبة بضم الخاء، هي حديث الخطيب أمام جمهور المتلقين، كخطبة الجمعة قبل صلاة الجمعة.
أم الخِطبة، فهي حفل أو اتفاق يحدث قبل الزواج حينما يخطب الرجل امرأة.
مفهوم الخُطبة: هي نوع من أنواع الأساليب الأدبية النثرية، تسهم في عرض أفكار المُلقي على المتلقين،
ويتخذ من سبل الاقناع والتأثير على الناس، وتبصيرهم بما يخص حياتهم، وما ينتج عن ذلك من حقوق وواجبات،
وبذلك فهو يقوم بتحفيزهم، ويستميل عقولهم، ويحرك مشاعرهم، ومن هنا تنبع أهمية الخطابة العظمى في نشر القيم والتشريعات الحسنة؛
ليتأدب الناس بآدابها، ويتمسكوا بأحكامها السمحة. ويمكن تلخيص أهم النقاط التي يرتكز عليها مفهوم الخطابة في:
فن أدبي يعرض الأفكار على سبيل الاقناع والاستمالة- يتخذ من الأسلوب الشفهي طريقاً للوصول إلى المُتلقي.
يكتسب أهمية عظمى لحرصه على نشر القيم السمحة- يهتم باستمتاع المتلقين، وتحفيزهم، ودغدغة مشاعرهم.
عرف ابن رشد الخطابة : أنها “القدرة على النظر في كل ما يوصل إلى الإقناع، في أي مسألة من المسائل”(1)
و قديماً عرف أرسطو الخطابة بأنها” قوة تتكلف الإقناع الممكن في كل واحد من الأمور المفردة”(2)
المراجع: 1- ابن رشد: تلخيص الخطابة ، مكتبة الجامعة،- سوريا، ص 28
2- الخطابة لأرسطو: الترجمة القديمة: تعليق د/ عبد الرحمن بدوي، دار القلم بيروت- 1979م، ص 9