أجمل قصة رائعة رواها جدي
قصة رائعة من قصص جدي ( حكاية العربيد) قبل النوم كان يحكيها لنا – رحمه الله-
وقد كان جدي يقص علينا واحدة منها كل ليلة ، وهي الرائعة قبل النوم.
أذكر وأنا صغير، ونحن أطفال ، كنا نذهب إلى جدي ليقص علينا قصة جميلة .
وهي من الحكايات الجميلة التي كنت أستمتع بها أجمل استمتاع ،
ومن أجمل هذه القصص ( قصة العربيد).
قصة رائعة تحكي قصة العربيد
حكاية العربيد (الجلوس في مزرعة جدي)
في يوم من أيام الصيف الحارة، طلب منا جدنا جمع الحطب، فقمنا بجمعه من مزرعة جدي.
وبعد أن أحضرنا الحطب ، أشعل جدي ناراً كبيرة ،
ثم ذهب وأحضر كيساً به كمية كبيرة من البطاطا، وأخذ يوزع البطاطا على الجمر.
وبعد أن نضجت قام جدي بتوزيع قطع البطاطا علينا، وكان الظلام قد خيم على المكان، وكانت جدتي تجلس أمامنا، وهي تطحن حبّ القمح بواسطة الرحى.
وكنا نلاحظ يدها وهي ترتجف، وهي تدفع قرص الرحي ليدور.
هبوب العاصفة
فجأة هبت رياح شديدة ، كانت تحمل معها أشياء كثيرة من أعواد القش والغبار،
وشكلت الأشياء بطريقة غريبة زوبعة في السماء كهيئة ثعبان ضخم يطير.
دب الخوف في قلوبنا، وتجمعنا نحن الأطفال ( محمد و أحمد و علي و خالد )
حول جدي، وأخذنا نلتصق به، ونحن نحملق في السماء اتجاه الوحش الطائر.
أخذ جدي يضحك، وكانت جدتي شاهده على خوفنا، فشاركت جدي في الضحك حتى، أنها توقفت عن طحن القمح.
نظر جدي إلى الأشياء المتطايرة في السماء وقال: هذا الوقت المناسب للأشياء ، فإنها تصنع قصة رائعة .
وقال: سأحكي لكم حكاية من أغرب حكايات أجدادنا.
وهي قصة رائعة جدا ، من البداية حتى النهاية.
كان ياما كان في سالف العهد والزمان، قرية تعيش في أمان ، وفي سعادة ووئام، ولكن الحال لا تبقى على حال ، والزمان يتقلب ويتغير من حال إلى حال.
في زيادة أو نقصان ، فهذه سُنَّة الله في خلقه.
قصه ظهور العربيد
يحكى أنه في ذات ليلة من ليالي الشتاء، كان الجو شديد البرودة، والرعد يدوي، والرياح تزمجر بصوت كصوت المدافع.
وكان الظلام يخيم شيئاً فشيئاً، كانت هناك مجموعة من الرجال .
( عمران، و قيس، و عبد الرحمن ) عائدين من تشييع جنازة في قرية مجاورة.
ومع اشتداد المطر، ووهج البرق الذي يكاد يخطف أبصار الرجال، صرخ أحد الرجال، وقال انظروا هناك صورة عربيد ( ثعبان ضخم).
قد ظهر ، وقد رأيت الصورة عندما ظهر البرق، توقف الجميع ساعة في أماكنهم، وأخذوا ينظرون يميناً ويساراً، فالظلام دامس، ولا يرون شيئاً.
ولكن كان هناك أصوات حطام أشجار، وصوت أوراق شجر يتكسر.
زاد خوف الرجال، وكلما لمس أحدهم الآخرصرخ ،
وأخذا يتعانقان من شدة الخوف.
وقال: العربيد، وأخذوا يسيرون ببطء شديد حتى وصلوا القرية، وهم يرتجفون من شدة الخوف والبرد الذي أصابهم.
وفي صباح اليوم التالي، انتشر خبر العربيد بين الكثيرمن أهل القرية،
وزيادة على ذلك لقد عم الخبر .
وانتشرت الحكاية في القرى المجاورة خلال فترة قصيرة جدا .
وأخذ الرجال يقصون الحكاية في مجالس أهل القرية، ويروي كل واحد منهم القصة حسب رؤيته لها.
فمنهم من قال: الحمد لله إن العربيد لم يلحق بنا ، لقد كان ضخم الجثة،
وهو أغرب وحش رأيته، دميم المنظر، ونتن الرائحة.
وقد دمر الشجر ، واعتقد أنه قريباً جداً سيهاجم القرية، ويشرد أهلها.
وقال رجل آخر ممن شهدوا الحادثة: أرى أن القرية في خطر محدق، فهذا العربيد لن يرحم كبيرنا، ولا صغيرنا.
وسيجعلنا مشردين بين الجبال والوديان، إنه مخيف ومرعب، بل أغرب مما تتصورون.
وقال رجل ثالث:
صحيح لم أره ولكن خياله يراودني كل حين، ولم استطع النوم ، و.
لا بد أن نتخذ موقفاً موحداً لمواجهة هذا الوحش، الذي هاجمنا وعبر إلى قريتنا؛ وسوف يأتي وسيحول حياتنا إلى جحيم.
بعد يومين اجتمع الرجال الذين شهدوا الحادثة مع شيخ القرية( هادي) ، واستمع إلى سرد حكايات الرجال ورواياتهم ﻋﻦ العربيد مرتين، والذين أكدوا له ما رأوا.
الرأي السديد
كان الشيخ هادي رجلاً حكيماً،هادئ الطبع ، وسديد الرأي ، وما إن إنتهى الرجال من رواياتهم حتى خاطب الشيخ هادي الرجال.
قال لهم: إن الكلام والأمور التي حدثت أمام أعينكم – بشكل عام- مستغربة ،
ومن المعروف أنه لم يسمع أي شاب أو امرأة أو عجوز على مدار تاريخ قرينا بأمور مثلها.
اجتمع الشيخ هادي وعشرة من كبار القبيلة ، وقال لهم:
لا بد من طريقة لمعرفة سرار حياة العربيد ، وكيفية التعامل معه، و لجم حركته.
البحث عن العربيد
جمع شيخ القرية مجموعة من شبابها، وقسمهم إلى ثلاثة أقسام، ووزع العمل عليهم، وطلب منهم تقصي حقيقة هذا العربيد :
أين يسكن وينام ، وماذا يأكل، و يشرب؟ ومن يساعده في معيشته؟ وهل هو وحده في كل تحركاته؟
قسم شيخ القرية المهام على شباب القرية حيث قسمهم إلى ثلاث مجموعات، وهي كما يلي:
مجموعات البحث
المجموعة الأولى: هو فريق مهمته : أن يتعرف على مكان وجود العربيد،
أيسكن في الجبال وبين الوديان أم في الكهوف والمغارات، و بين المزارع والغابات؟
المجموعة الثانية: مهمتها التعرف على أثر العربيد ، وتحركاته وتصرفاته، ماذا يأكل؟
أيأكل لحوم الأغنام والأبقار!! أم لحوم الطيور، وماذا يشرب؟
هل يشرب من مياه الأمطار أو من مياه الأنهار، أم لا يشرب؟
المجموعة الثالثة: مهمتها مراقبة جميع الطرق والمسالك التي تؤدي إلى القرية،
والتعرف على الداخل إليها والخراج منها.
انطلقت كل مجموعة في مهمتها، وبعد عدة أيام من البحث والتقصي،
عادت المجموعات الثلاثة بالأخبار المؤكدة، وهي أغرب مما يتوقع الجميع، وكانت المفاجئة!!!
الوصول إلى الحقيقة وتقرير المجموعات
تقرير المجموعة الأولى: بحثنا في الجبال والوديان، ولم نترك مزرعة ولا بستان،
إلا بحثنا في كل طريق و مكان،ولم نجد أثراً لحية أو ثعبان.
هذا يدل على أن العربيد يتحرك ببطء، ويعمل بخبث وذكاء، ولم يترك أثراً، في الأرض ولا في السماء!!!
المجموعة الثانية: فتشنا في الأماكن وفي كل جزء توقعنا وجود العربيد فيها،
فلم نجد بقايا طعام، ولا بقايا عظام.
وهذا يؤكد على أنه شره يأكل كل شيء، ولا يبقي أثراً خلفه، حتى يُستدل عليه،
ونعتقد أنه أغرب حيوان رأيناه.
المجموعة الثالثة: راقبنا جميع طرق القرية والمسالك التي تؤدي إليها ،
وتعرفنا على الداخل إليها والخراج منها، ولم نلاحظ أي غريب دخل.
ولكن قد يكون العربيد تخفي بزي أحد سكان القرية، ودخل ونحن لم نشعر به.
جمع شيخ القبيلة جميع أعيانها، من أصحاب الرأي والمشورة، وعرض عليهم التقارير الثلاثة، وبعد مداولات كثيرة،
ومشاورات عديدة، كانت نهاية ذلك؛ النتيجة الصادمة:
وقف الشيخ هادي أمام الناس وقال: لا بد أن يأخذ كل واحد منا من هذه الحادثة والقصة العبرة وموعظة حقيقية وهي:
أن العربيد لا وجود له في الوجود، ولكنه موجود في خيالات الجبناء،
ومن يصدقهم من البلهاء، أما الحكماء فهم لا يصدقون القول دون تفكير وتمحيص ،
وهذا ديدن العقلاء.