قصة مثل عربي… لا ناقة لنا فيها، ولا جمل
نسمع كثيراً، من يقول:لا ناقة لي فيها ولا جمل، فما المقصود بهذا المثل؟
وما السبب الذي يدفع الإنسان إلى قوله؟
وما الحكمة من ترديده في بعض الأوقات، كما يحدث؟
الأمثال العربية كثيرة، وهي تحمل في طياتها الكثير، والكثير من المعاني القيمة.
والأسرار الخفية.
ولذلك بقيت، وخلدها التاريخ إلى يومنا هذا.
ومن هذه الأمثال، التي حُفِرَت في ذاكرة العرب، مثل: (لا ناقة لي فيها، ولا جمل).
فما قصة هذا المثل؟
هل تعلم بأن صاحب مقولة: لا ناقة لي فيها، ولا جمل، هو الحارث بن عباد:
صاحب الحنكة، والخبرة في ادارة الحروب والنزاعات.
تروي القصة، بأن الحارث بن عباد، قرر اعتزال الحرب.
التي دارت بين قبيلتي بكر وتغلب، والتي سميت بحرب البسوس، وقد استغرقت قرابة أربعين عاماً.
وعندما طلب بنو شيبان منه، خوض الحرب معهم، قال كلمته الفصل:
لا ناقة لي فيها ولا جمل.
فلماذا قالها؟ وما سر هذه الحرب، التي أودت بعدد هائل من القتلى.
والجرحى على مدار أربعين سنة؟
حرب البسوس
تعود قصة حرب البسوس إلى عام494م، وذلك قبل الإسلام.
وقد سميت بحرب البسوس، نسبة إلى امرأة، تُدعى البسوس.
وهي خالة جساس بن مرة، التميمي الشيباني.
وفي أحد الأيام، زارت البسوس ابن اختها جساس.
وأثناء جلوسها ضيفة، عند ابن اختها، تعرفت على جار لابن اختها، يُدعى سعد الجرمي. وكان لسعد هذا ناقة.
كانت الناقة مربوطة بجوار البيت، وما إن مرت إبل لملك من ملوك العرب.
وهو كليب من قبيلة تغلب، حتى هاجت الناقة، ونزعت رباطها.
وفي هذه اللحظات، لحقت الناقة إبل كليب، ودخلت مراعي بني تغلب.
فما كان من كليب، إلا أن ضرب الناقة بسهم، فأرداها قتيلة.
وما إن رأى صاحب الناقة، ما حل بناقته، حتى استغاث بجارته البسوس.
التي فُزعت، ودهشت لمنظر الناقة المقتولة، وصاحت: واذلاه…واجاراه!
مَقتل كليب
وما إن وصل الخبر إلى جساس بن مرة، حتى هب مسرعاً لنصرة جاره.
وانطلق مسرعاً نحو مكان كليب، يريد أن يقتص منه، لقتله ناقة جاره.
دارت بين الاثنين معركة، وقتال طويل، وانتهت المعركة بقتل جساس لكليب.
من هنا/ بدأت شرارة الحرب بين قبيلتي تغلب وبكر. والتي سميت بحرب البسوس.
وعند اندلاع الحرب بين القبيلتين، توجهت قبيلة بني شيبان إلى الحارث بن عباد.
وذلك لكونه فارساً، وحكيماً في نفس الوقت.
عندما علم الحارث، بقصة الناقة، وهي لجار جساس، وليس له.
وما قامت به البسوس، من اشعال حرب من أجل ناقة.
فقد قرر الحارث بن عباد، عدم الخوض في هذه الحرب، وعدم نصرة أحد من أجل ناقة.
وهو في قرارة نفسه، يدرك ما ستجره الحرب من ويلات للطرفين.
فما كان منه إلا أن قال: لمن يرغب في مساعده في هذه الحرب:
لا ناقة لي فيها، ولا جمل، فذهبت مثلاً.
البسوس والشؤم
أما البسوس، التي أشعلت الحرب بين القبيلتين، فقد أصبح أسمها مثلاً آخر، يضرب في الشؤم.
ولذلك كانت العرب قديماً، يقولون على الشخص الشؤم،
أو الأمر المنكر، والشؤم الذي يسبب الخيبة، أو القتل و والعار (أشأم من البسوس).
وفي الختام/ هل نحن على استعداد لادراك، وفهم وتطبيق مثل:
(لا ناقة لنا فيها ولا جمل) في حياتنا اليومية.