خاطرة ( همسات انتحار قلم) هي خاطرة وقصة ساخرة،
تتحدث عن الوضع الذي تعيشه الأقلام في هذا الزمان. وذلك بسبب الاستغناء
عنها بلوحة المفاتيح؛
سواء كان جهاز الحاسوب، أو حتى الهاتف المحمول( الجوال)، ونتيجة لذلك يشكو القلم حاله ومصيره.
همسه قلم! عنوان يفاجئك بسؤال : هل القلم يناجي ويتحدث ويشكو؟ وإن كان كذلك، فما شكواه، وما السبب ؟
إليكم أصل الحكاية، من البداية إلى النهاية.
فجأة ! و أنا جالس على مقعدي، أقرأ، فإذا بالقلم أمامي يتململ، ويتحرك ببطء، وهذا ليس من عادته.
حيث كان في الماضي نشيطاً أكثر من غيره،
والأهم من ذلك كله، كان يتحرك على الورقة بسرعة، وكأنه قلب ينبض بالحياة.
وفي غضون ذلك، ممدت يدي ،بل وأخذت أصابعي تداعب القلم ،
إلا أن دموع قلمي، بدأت تسيل على الطاولة، وبكل الخطوط والألوان.
في لحظة اقتربت من قلمي، و قلت له: ما الأمر؟
في الحقيقة، انا أسمع أنينك ، وأنت اليوم – ليس كالمعتاد- بالإضافة إلى ذلك أرى علامات الإرهاق، والاجهاد، ظاهرة عليه.
وبالتأكيد، أكاد أجزم أن في الأمر سر.
وما إن لمست قلمي، حتى انسحب من بين يدي مرتجفاً، بل وأخذ جانباً، ودموعه تسيل على جنبيه.
توقفت، وسألت قلمي: ما بك؟ وعلام تبكي هكذا ؟
همسة القلم الجريح
وفي الحال ، اعتدل القلم، وتنهد ، ومن ثم همس في أذني بصوت مملوء بالحسرة والألم:
وقال: ألا ترى ما حدث ويحدث، تركنا الجميع، سواء كانوا كباراً أو صغاراً،
فما لنا مُقام إلا في مقبرة التاريخ ليذكر أمجادنا، لذا لا الزمان زماننا، ولا المكان مكاننا.
ألا تعلم بأن الأقلام لن ترى السعادة بعد اليوم ، وذلك إذا أرادت الحياة في هذه الدنيا .
في وقت سابق ، كنا سادة في يد سادة، كانت لنا أجمل حياة ، والآن لا شيء لنا !
يا صاحبي … ألا تسمع صوت طرقات الأصابع على لوحة المفاتيح ؟ ثم قال: انظر، وأشار إلى الكمبيوتر، ثم إلى المحمول( الجوال)،
وقال: استُغني عنا بلوحة المفاتيح، بل من أراد أن يكتب، نقر بأصابعه على لوحة المفاتيح، وكتب.
إذن ، وكما ترى ، استغنت الأصابع عنا ، بعد أن كانت تحتضنا.
كنا في قبضتها إخوانا، أشعر بالدفء وأنا بينها، ولكن اليوم لا أصابع تضمنا، ولا أسطر ندرج عليها،
وأخيراً نُلقي على الرف ،لا قيمة لنا ، وكأننا من سقط المتاع ، ولا وجود لنا .
علاوة على ذلك، ألا ترانا ضائعين، كأعواد قصب ضربتها ريح عاصف فبعثرتها ؛
فلا سماء ضمتها، ولا أرض احتوتها.
أخذت أواسي قلمي ، وأنا أشاطره الألم، ولكن هذا هو الواقع ،
وعلى سبيل المواساة قلت له :أنت رائع بما قدمت، بيد أن الزمان يتغير،
أنت عظيم.
ومع ذلك ليس لك مثيل ، ذُكرتَ في كتاب الله عز وجل ، ولك سورة باسمك( سورة القلم)
هل ينسى أحد القلم ؟ فلم انت حزين ؟
قال القلم بحزن: ألا تدري بأن الحبيب لا يفارق حبيبه إلا في حالة الموت ،
ومع ذلك فالفراق صعب … وداعاً !
نهاية القلم المأساوية
هل ينتحر القلم ؟ ولماذا ؟ وكيف ؟
تقدم القلم نحو قلم آخر، وأمسك قلم بقلم وتسامحا وتصافحا ، و طلب قلمي مني أن أسامحه.وقال: وداعاً.
يا مَنْ ضمت أصابعه أوصالي، وبفراقها انتهت آمالي.
وفجأة قفزالقلم من مكانه ثم ترنح كأنه مصاب بمس،وبخلاف ما توقعت، ألقى نفسه من أعلى الطاولة على أرض الغرفة.
وفي الحال وقع، وسالت ألوانه، بل و تناثرت ثم تجمعت بسرعة، وأخذت تسطر على أرض الغرفة كلمات خجولة بجميع ألوان الطيف :
كتبنا التاريخ من أزمان، فنحن الماضي، وَ من لا ماضي له لا حاضر له. ألم تسمع ما قيل فينا، نحن الأقلام؟
قالوا في القلم
- – قد يجرح القلم أكثر من السيف.
- – ليس القلم دوماً يصنع القانون، بل غالباً البندقية.
- – قد تضيع أفكار تساوي ملايين الدولارات بسبب عدم وجود قلم رصاص لكتابتها.
- – القلم بيد السفيه كالخنجر بيد الطفل.
- – القلم بريد القلب يخبر بالخبر، وينظر بلا عينين.
- – إذا مات القلم ظلَّ السيف بلا أخ .
- – قد تكون زلَّة قلم أشد ألماً من زلَّة ُ قدم.
- – من امتلك القلم صار له لسانان .
- – عماد القوة في الدنيا اثنان: سيف وقلم.
هـمـسـة قلم بقلم الشاعر أحمد مطر
جسَّ الطبيبُ خافقي وقالَ لي.
هلْ ها هُنا الألَمْ؟ قُلتُ له: نعَمْ
فَشقَّ بالمِشرَطِ جيبَ معطَفي وأخرَجَ القَلَمْ!
هَزَّ الطّبيبُ رأسَهُ .. ومالَ وابتَسمْ
وَقالَ لي : ليسَ سوى قَلَمْ
فقُلتُ : لا يا سَيّدي! هذا يَدٌ .. وَفَمْ … رَصاصةٌ … وَدَمْ وَتُهمةٌ سافِرةٌ … تَمشي بِلا قَدَمْ !