من أبطال المغرب العربي ( يوسف بن تاشفين)
دخلت المكتبة، وكانت أمامي الكرة الأرضية، فأخذت اديرها بأصابعي، وفجأة توقفت، وإذا أمام ناظري مضيق جبل طارق، ومن شماله بلاد الأندلس،
ومن جنوبه بلاد المغرب العربي،
فأخذت أتحسر على ضياع الأندلس، ووضعت رأسي بين يدي.
وأغمضت عيني، وإذا بطيف يحملني، ويلقي بي بين الكتب، وما هي إلا لحظات،
إلا وأنا أتسلل بين السطور والكلمات، ورأيت عقارب الساعة، تعود بي سنوات وسنوات.
تقدمت وأخذت أقلب الصفحات والصفحات،
وتصفحت بطولات عمر المختار البطل الليبي المشهور،
ثم أخذت أقرأ مقالة من ذاكرة التاريخ( يوسف بن تاشفين)
فإذا أنا بشيخ جاوز التسعين من عمره، وكان ذا هيبة وشكيمة، وقوي النظرات.
أخذت أخطو نحوه ، وقلت في نفسي :
أهذا هو الرجل؟ أجاب إحساسي المرهف، إنه هو!
أسرعت نحو الرجل، وقبَّلت يديه، وقلت له هل أنت يوسف بن تاشفين؟
نظر الرجل إليّ بدهشة، وقال: من أنت؟ وماذا تريد؟
قلت رجل مشرقي من الحاضر، اشتاق لبطل مغربي غاب منذ قرون وسنوات!
رحب بي، وجلست بين يديه، وأنا أنظر إلى وجنتيه.
وكانت كلمات التاريخ تتراقص بين عينيه، وتخط سطوراً، وتقول:
أمجاد بطلنا( يوسف بن تاشفين)
من ظلم ملك القشتاليين الفونسو السادس.
واستطاع بن تاشفين، أن يجيش جيوش المرابطين بقيادته،
ويزحف بجيشه صوب سهل الزلاقة.
هناك التقى الجيشان : جيش بقيادة ابن تاشفين،
وجيش بقيادة ملك القشتاليين الفونسو السادس، ودارت بينهما رحى حرب ضروس.
معركة الزلاقة
كيفية تحقيق النصر في الزلاقة
حيث أقحم الجمال في المعركة، التي لم تعهدها خيول القشتاليين.
كما فاجأ جيش القشتاليين بالكمائن المتعددة، التي أربكته، وجعلته يتقهقر.
ونتيجة لذلك، أطبق ابن تاشفين على جيش الفونسو،
وأمر حرسه الخاص، بمهاجمة المدافعين عن الفونسو من الجيش القشتالي.
واستطاع أحد فرسان ابن تاشفين أن ينقض على الفونسو،
ويطعن الفونسو في فخذه طعنة جعلته أعرجاً طوال حياته، واستطاع الفونسو الهروب بروحه من المعركة، تاركاً خلفه جثث جنوده تملأ سهل الزلاقة.
كان انتصاراً مَؤزّراً ،
لا يقل عظمة عن معركة اليرموك والقادسية، فقد ثبَّت قدر الدين الاسمى بعد انزلاقها.
تبسم الشيخ البطل، وأغمض عينيه، وما هي إلا لحظات ،
وإذا بالسطور تنعى هذا الرجل الذي أفنى حياته غازياً في سبيل الله، وكتبت السطور:
مات ميتة سيف الله المسلول
( خالد بن الوليد) على فراشه، وبين أهله وأحبته.
تتحدث هذه مقالة من ذاكرة التاريخ( يوسف بن تاشفين) عن حياة بطل اسلامي اشتهر، ببطولاته في بلاد المغرب العربي وبلاد الأندلس.
وسطَّر لنا التاريخ هذه البطولات بماء من ذهب، ولذلك، لن تتنساها الأجيال القادمة، إنه البطل ( يوسف بن تاشفين) .
في المكتبة
بطلنا وحَّد بلاد المغرب تحت رايته، ولذلك، اقتحم هذا البطل عباب البحر، عدة مرات لنصرة اخوته من أمراء الأندلس، الذين استجاروا به،
قاد أمير المسلمين، يوسف بن تاشفين، وكان على رأس جيش جرار يزيد على 20 ألف جندي:
(منهم 400 جندي من السودانيين) وكانوا مصحوبين بـ500 ناقة.
وعلى ضفاف نهر وادي بيرا اصطف الجيش الإسلامي في حالة استنفار قصوى،
وكان يتألف من مقدمة يقودها المعتمد بن عباد ويؤازره في ذلك،
أبو سليمان داود بن عائشة، بجيش قوامه 10 آلاف فارس من المرابطين.
وميمنة الجيش يقودها المتوكل بن الأفطس، وهو أمير بطليوس،
وكان في ميسرة الجيش أهل شرق الأندلس، ومؤخرة الجيش فيها سائر أهل الأندلس.
أما جيش الاحتياط فكان بقيادة يوسف بن تاشفين؛
والذي كان مؤلفاً من نخبة من خيرة جيش المرابطين وأهل المغرب وحرسه بن تاشفين الخاص،
وكانت مهمته الاختفاء والاختباء خلف التلال القريبة، تحسبا لأي هجوم مباغت يقوم به العدو.
يروي معظم المؤرخين أنه قبيل انطلاق رحى المعركة،
قام يوسف بن تاشفين بتخيير ملك قشتالة وليون بين 3 أمور:
1- أن يعتنق الإسلام هو ومن معه من الجند، .
2- أن يدفع الجزية.
3- الحرب.
وعندما حان وقت المعركة، اتفق يوسف بن تاشفين وألفونسو السادس على أن يكون اللقاء الحاسم يوم الاثنين.
غير أن ألفونسو السادس نقض الوعد،
وفي يوم 23 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 1086م الموافق لسنة 479هـ،
دارت معركة الزلاقة بين الجيشين:
جيش بن تاشفين والإسبان على مقربة من سهل بطليوس في الإسبانية.
احتل يوسف الجزيرة الخضراء، وذلك قبل الوصول إلى سهل الزلاقة،
وهو مكان المعركة.
ثم شرع ابن تاشفين في بناء أسوارها وترميم أبراجها وحفر الخنادق،
وقام بشحنها بالأطعمة والأسلحة، ورتب فيها جنده، وهم من صفوة رجاله.
كان النصر في بداية المعركة حليفاً للقشتاليين،
ولكن حنكة ابن تاشفين العسكرية جعلته يقلب موازين المعركة لصالح المسلمين،